الفضول، سلاح ذو حدين:
الفضول، صفة في الكيان البشري يمكن أن توظفها للبناء، ولتحقيق النجاح في مختلف أوجه الحياة.. كما يمكن أن توجهها للإساءة إلى الآخر، بل وإلى تدميره.
فالفضول، درجة عالية من حب الاستطلاع، تدفعك إلى بذل جهدك لكي تحصل على المزيد من المعلومات عن الآخر، فيما يخص نواحي حياته، أو عن موضوع معين يهمك أن تلم بكافة نواحيه.
الفضول الدراسي!
ولذلك، فإن توظيف الفضول للاستفادة منه في الدراسة، يدفعنا إلى الإطلاع على المزيد من المراجع المكتبية، والإلكترونية، مما يسهل علينا طريق التفوق، والتميز على باقي الزملاء.
الفضول في العمل :
أما في مجال الأعمال، فإن توظيف الفضول بطريقة إيجابية، يدفع إلى النجاح، والتألق.
فمثلاً في المجال الصحفي، تعتبر صفة الفضول الصحفي هي أساس وركيزة نجاح الصحفي، وبخاصة في مجال التحقيقات الصحفية.
فإن الحاسة الصحفية، ترشد الصحفي إلى الموضوع الساخن الذي يهم القارئ أن يتابعه في ذلك الوقت المعين. ثم يقوم الفضول الصحفي بدفعه إلى البحث الجيد في تفاصيل الموضوع الحي بين يديه، وإلى إلقاء الأسئلة الذكية التي تنير له الضوء لكشف الحقائق. وهكذا، وبفضل الفضول الصحفي الإيجابي، يخرج ذلك الصحفي بأنجح التحقيقات الحية، وبأفضل الموضوعات التي تشبع فضول القراء، وتُرضي حبهم لمعرفة الحقائق الخافية، للأحداث الساخنة.
أما في دنيا الأعمال الحرة، فإن التاجر المتمرس، أو الشاب الذي ينوي أن يقيم مشروعاً عملياً جديداً، لابد من أن يستفيد من فضوله، لكي يعرف الكثير من الأخبار والأسرار التي تتعلق بالسوق، وبكل ما يخص نوع البضاعة، أو المجال التجاري الذي ينوي أن يدلي بدلوه فيه.
وكلمــا عــرف أكثــر، ضمــن تفـادي تعرضــه للخسـارة، ووثـق مــن أن يحقق ربحــاً مضموناً.. وأمــن تقلبــات الســوق والتجــارة.
وهكذا، يمكن استثمار الفضول الإيجابي الهادف للخير، لتحقيق النجاح في الحياة، والأعمال.
كن ذكياً ولا تقع في براثن فضولي لا يقصد خيرا..
كيف؟
أولاً: لا تُلقِ الكلام جزافاً:
لا بأس من إجابتك عليه بصراحة، لكن لتكن صراحتك صراحة الأذكياء، وليست صراحة السُذَّج.
وبتعبير آخر، فإنك تبين وتوضح معاني المعلومات التي تفصح عنها، لكن في ضوء ما يمكن أن يترتب على ما تتفوه به من كلام، وما يتأتى عن مواقفك من نتائج، في حياتك العملية، وفي علاقاتك بالآخرين.
ثانياً: يجب أن تكون الفضفضة بقدر:
لكل موقف قدر معين مناسب من الوضوح، والصراحة.
ويجــب ألا يزيــد كلامــك عنـه أو ينقـص. لذلك، قدِّم للفضولي من الكــلام، ومــن التصريحــات، مــا يلــزم فقط. وذلك في ضــوء مـــا يحتــاج إليــه كــل موقــف علــــى حــــدة، بغيـــــر زيــــادة أو نقصان.
فتسلح بحاسة «الحدس» عندك، واشحذ ذكاءك الفطري، فتستطيع أن «تعاير» الكم المناســــب مــــن التوضيـــح والصراحة، في المواقف المختلفة التي تتعرض لها.
ثالثاً: لكل مناسبة، ما يناسبها:
فكما يقولون: «لكل مقام مقال».
فيجب أن تفكر في المناسبة التي يُثقل عليك فيها ذلك الفضولي، بأسئلته، واستفساراته، وتواجده.
كــذلك، فكما أن كلامــك، وتصرفاتــك يجــب أن تكــون مناسبــة للموقف الذي توجد فيه. فإن توضيحــك وإعلانــك للمعلومــات الموجودة عندك، وصراحتك في البوح بما عندك، تكون غيرها مع رئيس، وغيرها مع غريب، وغيرها مع عاقل متزن، وغيرها مع صاحب مزاج حاد.
باختصار، يجب أن تتكيف أقوالك وأفعالك مع كل حالة على حدة، ومع كل موقف من المواقف باختلاف ظروفها.
رابعاً: ركز على هدفه:
استعن بكل ذكائك، وبكل فكرك لكي تتوصل إلى الهدف المستتر الذي يبغي ذلك الفضولي تحقيقه من أن يعرف منك المزيد من المعلومات الخاصة في موضوع معين.
فقد تكون الأسئلة الفضولية الموجهة إليك، بهدف التوصل إلى أسرار شخص آخر، أو أسرار تخص عملك. وعليه قرر أن تتحدث فقط، بما لا يحقق غرض الفضولي، من ضرر متوقع.
الحل البسيط:
إن لكل منا درجة من درجات الاستعداد لتقبل أسئلة الفضولي عن العمل، أو البيت، أو الأسرة.. أو.. أو.. والتعامل معها «بدون خسائر».
أما إذا وقعت فعلاً في براثن فضولي، وسألك سؤالاً لا ترغب في الإجابة عنه، فما عليك سوى أن تقول له ببساطة شديدة، وابتسامة هادئة: «معذرة، فإني لا أرغب في الإجابة على هذا السؤال.. إذا لم يكن عندك مانع!» ثم تطرق إلى موضوع آخر.. في مجال آخر.
فكيف تجعل فضولك إيجابياً بناءً؟
إذا كان فضولك متجهاً إلى الاستزادة من المعلومات في موضوع معين يهمك، فاحرص جداً على أن تستقي معلوماتك من مصادر نقية، ثقافية، وعملية، ومعتدلة الفكر، ومضمونة الصدق، وملتزمة بالقيم والأخلاق والشفافية، ولا تحيد عن القوانين الموضوعة.
ولا تتوجـــه بفضـولك، أبــداً، إلى مصادر مجهولة الهوية، أو ذات الأهـداف الهدّامة، والمـآرب اللاأخلاقية، أو اللاإنسانية، أو الإجرامية.
أما إذا كان فضولك متجهاً إلى شخص يهمك، فتلزمك اللباقة، والحساسية عند توجيه أسئلتك الاستفسارية عن أموره الشخصية.
كذلك، لابد من أن تكون على معرفة بمدى التفتح الذي يتميز به عقله، حتى يتقبل سؤالك، ثم ليتجاوب معك بسبب هذه اللباقة، والموضوعية.
أمــا إذا شعــرت أن فضولك قد ساقك إلى إحراج الآخر، أو زلق بقدمك إلى مجال ليس لك أن تقتحمه في حياته، فبادر بالاعتذار، وأسرع بالتراجع.. وادخل في موضوع آخر.. محبب إليه