أخي الحبيب

أكتب إليك ... ونيران الحسرة تكويني ... وآلام اللوعة تدميني ... ووخز الضمير ينشرنى ويطويني .

أكتب إليك ... بعدما صار الفضاء من حولي مضيقاً ... والنور في عيني دجى وظلاما... والشهد في فمي مرارة وعلقما.

أكتب إليك... حرصا والله عليك ... وإخلاصا في النصح إليك ... وأملا في ألا تسير إلى ما سرت إليه... فتغدو حياتك وبالا عليك...

فإياك إياك أن يخدعوك فقد خدعوني ... خدعوني !! فقالوا تعاطى المخدرات يجلب السعادة ويحقق النشوة ويجعل وقتك فرفشة وحياتك نعنشة ولكن السحر انقلب على ساحره فغدت حياتي السعيدة بسبب المخدرات نكالا وجحيماً ... وصرت بعد الغنى مسكينا فقيرا ... وبعد الصحة سقيما عليلا ...



أخي الحبيب :

هذه قصتي فاستمع إليّ بقلب متدبر ... وأنصت إلىّ بعقل واع .

عشت حياة سعيدة أنعم الله علىّ فيها بالمال الوفير والزوجة الحسناء الجميلة والأطفال الذين تكسوهم البراءة وتعلوهم النضارة ... نعم الله حقا سابغة علىّ تشملني أتقلب فيها وأتمتع بها.... فرح أنا بحياتي وسعيد أنا بزوجتي وأولادي ...ولكن الشيطان ساق رسله إلىّ ( صحبة سيئة وشلة فاسدة ) كان تأثيرهم علىّ اشد من تأثير السحر ...زينوا ليّ الضلال هدى ... وزخرفوا لي الجهالة حلما ... ورسموا لي السراب حقيقة وواقعاً ... علموني – ويا ليتهم ما علموني - كيف أتعدى على حدود الله حذرتني زوجتي منهم ومن فعالهم ومن صحبتهم ولكن الوقر قد صم أذني ... والرّان قد غطى قلبي.. والغشاوة قد أعمت عيني ...جذبوني إلى المخدرات ... فانجذبت إليهم كما تنجذب قطعة الحديد إلى المغناطيس تبدل الحال وتغير المآل دمرت المخدرات حياتي فقدتُ بسببها كل شيء - كل شيء – فقدت ُ نفسي ورشدي وعقلي وديني ...فقدت أموالى ... وضيعت زوجتي وأولادي ... حقا قوضت المخدرات بيان بيتي ....وأتت على أركان أسرتي.



المخدرات ضيعت أموالى

قضت المخدرات على أموالى فلم يبق منها شيء ... بعت بسببها أرضى وعقاراتي وأثاث منزلي فصرت بعد الغنى مسكيناً فقيرا ...وصرت الآن انتظر من الناس الإحسان بعدما كنت أحسن إليهم حتى تسولت في الطرقات ومددت يدي للقريب والبعيد لأنفق - لا على زوجتي وأولادي - ولكن على نزواتي وشهواتي وصرت ألتقط من صناديق القمامة طعامي.



المخدرات دمرت أسرتي

فقد هجرتني زوجتي بعدما صرت إنسانا عليلا فقيرا ... سقطت من نظرها فصرتي في نظرها زوجا فاسدا لا يؤدى ابسط حقوق الزوجية ولا يحميها من نظرات أصحاب السوء ونزواتهم بعدما غابت عقولهم من جراء تعاطى المخدرات فهجرتني خوفا على نفسها ... وفرارا بأولادها من هذه البيئة الفاسدة الو بيئة ... وغدت زوجتي التي كانت يوما سيدة مصونة في بيتها تأمر وتنهى ولها من يخدمها صارت ويا للأسف خادمة في البيوت لتنفق على أولادي وتربيهم التربية الحسنة بعيدة عنى وعن بيئتى ...فقد يُتم الأطفال في حضرة أبيهم ... وما أقسى أن يشعر الطفل باليتم في حضرة والديه!



المخدرات أتت على صحتي

فقد سرت المخدرات في دمائي ...وجرت في عروقي وشراينى...فاعتلت من أجلها صحتي ...وضعف بسببها جسدي... فاصفرّ لونى ونحلت بنيتي وعطبت أعضائي ... وها أنا ذا أعانى أعانى من آلام لا تنقطع وجراحات لا تندمل .



المخدرات طريق أصحاب السوء

لقد هجرني الصالحون من أصدقائي بعدما ملّو من نصحي ويأسوا من عودتي إلى رشدي وصرت أنموذجا للإنسان الفاسد المنحرف فتجمع الفاسدون من حولي - نسهر ونشرب ونتعاطى - حتى هجروني بعدما فني مالي ولم استطع أن انفق عليهم وها أنا ذا في دنياي وحيد فريد ... وقد خسرت كل شيء - حقاً كل شيء - وصدق فيّ قول الله عز وجل ( ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ) .



فهذا ما جنته يداى بسبب المخدرات فأين ما حققته لي غير سراب خادع وحلم كاذب وأسرة مدمرة وعقل مفقود ومال مسكوب وصحة معتلة وحياة بئيسة نكده.



فإياك إياك والمخدرات

هي المخدرات تقول بملء فيها حذار حذار من شربي وفتكي

فـلا يغرركـمــوا منى ابتسـام فشربي مضحك والأثر مبكى

فلست أدرى من الذي حملني إلى المخدرات؟! ومن ذا الذي غرني بها ؟! ولم لا أدرى ؟! أليس قرناء السوء ؟! هداهم الله و إلا أخذهم - أليس السراب الخادع ؟! أليس البعد عن الله وعن الصالحين من عباد الله ؟!



العـبـرة

فها أنا ذا عبرة لمن أراد لاعتبار وعظة لمن أراد الاتعاظ ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) فاحذر المخدرات أخي الحبيب فإنها بريد الشيطان إليك ... وعاقبتها وبال عليك ... وتجمع صحبة السوء حواليك ... وسبيل التعاسة والشقاء... فلا والله ما كانت لحظة جالبة للسعادة والهناء.

فها أنا ذا أحذرك وما حذرني أحد... وأنصحك بصدق فما استمعت لنصح أحد... تجنب صحبة السوء فهي عون للشيطان ومدد ... لعله يستبين لك الأمر ... ويتضح لك سبيل الرشد ... حتى لا تسقط في الهاوية كما سقطت وتفيق بعدما تخسر كل شيء ... فما أجمل الحياة في ظل طاعة الله !!وما أجمل الصحبة إن كانت على البر والهدى !! وما أجمل أن يكون الإنسان عبدا للرحمن عدوا للشيطان !! وها أنا ذا قد بذلت لك من النصح ما فيه الكفاية وأبنت لك من الأمر ما فيه الوقاية... فهيا واسلك طريق الهداية... وتجنب طريق الشيطان والغواية .

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
والحمد لله رب العالمين