في شبابنا من يكتفي في إسلامه أن ينشأ في بيت إسلامي, ويسمى محمداً أو مصطفى, ويعد عند إحصاء طوائف البلاد في قبيل المسلمين, ولا تجد بعد هذا فارقاً بينه وبين شاب لا تمت روحه إلى الإسلام بصلة. وهذا ما بعثني على أن اخترت للمحاضرة موضوع ( من هو الشباب المسلم ).
ذلك أن أنظار حكماء الأمة متجهة إلى بناء مدينة روحها الإيمان, وجسمها نظم الإسلام, وحليتها آدابه التي صاغتها يد الوحي السماوي, وما زالت ولن تزال في صفاء وضياء, فوجب أن تعلم من هو الشباب الذي يصلح لأن يمد يده لبناء هذه المدينة الشامخة الذرى, فنقول:
الشباب المسلم هو الذي يسمو بنفسه إلى أن يكون مسلماً حقاً, فيقرأ القرآن المجيد بروية, ويجيل فكره في آياته الزاهرة, حتى يتملأ حكمه البالغة, ومواعظه الرائعة, قال -تعالى-: ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ).
والشاب المسلم هو الذي يؤمن بالله من الشرك أو ما يشابه الشرك, فيعتقد من صميم قلبه أن الله وحده هو المتصرف في الكون, فلا مانع ولا ضار إلا هو, وبهذه العقيدة السليمة يحمي نفسه من أن تلابسها مزاعم مزرية, ويصغر في عينه كل جبار, ويهون عليه احتمال المصاعب, واقتحام الأخطار في سبيل الجهاد في الإصلاح والدعوة إلى الحق.