بسم الله، والحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله ومن والاه، وبعد..
فإن معاناةَ البشريةِ في عالم اليوم، وما آلت إليه أحوالُها من تصدُّعٍ وشقاءٍ، لجديرٌ بأن يدفعَ كل العقلاء إلى البحث عن سبيلٍ لخلاصها، وطريقٍ لنجاتها، وتلك مسئوليةٌ جليلةٌ آن أوانها، وبخاصةٍ حين نجد أن محنةَ الإنسانِ في عالمنا تزداد، وأن محاولاته للخروج منها باتت رهينةً بمنظومةٍ من القوى السياسية والاقتصادية والفكرية الظالمة، لا تدَع له سبيلاً للفكاك من أسْرها، ولا تبصر طريقًا إلا من خلال رؤيتها العنصرية والمادية التي تسعى لفرضها على العالم كله، فما تزيده إلا خبالاً..
إن الله تعالى لم يخلق الإنسانَ هملاً، ولم يتركه سدى.. ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)﴾ (المؤمنون)، فأرسل إليه رسله، وأنزل عليهم شرائعه وهداه ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (البقرة: من الآية 38)، غير أن ذلك الهُدَى ما زال يحارَبُ حربًا لا هوادة فيها، وتثار حوله الأغاليط والأوهام، وتكال له الاتهامات، ويُحال بين البشر والرؤية الصافية له، وتعرُّف أسباب النجاة فيه.
|
بلاد الإسلام تتعرض لهجمة شرسة |
ورغم ما يتعرَّض له الإسلام اليوم من حملاتٍ ظالمةٍ، فإن منظومةَ القيمِ التي تأسس عليها بناؤه تظل هي الأمل في إنقاذ الإنسان اليوم، وتحريره من عوامل ضعفه، وترشيد سعيه؛ ليصوغ عالَمًا يغلب خيرُه شرَّهُ، وتتصل سماؤه بأرضه، وتزهو فيه قيمُ الرحمة والعدل والتواصل الإنساني الرحيب.
ونحن حين نعرض جانبًا من رسالة الإنقاذ التي يقدمها الإسلام لعالمنا اليوم لَنرجو أن تكون دعوةً لأبناء أمتنا لتعود عودًا حميدًا إلى تمام الالتزام بدينها، وللعالم من حولنا وأولي النهى فيه ليرَوا كم تُضيِّع البشرية من عمرها وهي تتخبَّط في دياجير شتى، وسبل الرشاد منها على مرمى حجر.. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)﴾ (ق).