الحمد لله ربّ العالمين، ونُصلِّي ونُسلِّم على أشرفِ المرسلين؛ سيدنا محمدٍ النَّبي الهادي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد.
فإن العالم اليوم تسوده مجموعةٌ من القِيَمِ المدمرة، مثل العنصريَّة والتَّعصُّب والديكتاتوريَّة والقمع وانتهاك حقوق الإنسان، ونشأ عن ذلك قيام بعض القوى الغاشمة بارتكاب جرائمَ، إمَّا لتحقيق أجنداتٍ ومصالحَ خاصةٍ ضيِّقةٍ، أو لتنفيذ بنودِ أجندةٍ استعماريَّةٍ عنصريةٍ توسعيةٍ.
ونتيجةً لذلك تُراق الدماء البشريَّةِ، كما يجري في العراق وفلسطين وأفغانستان وغيرها من بقاع العالم.
ونتيجةً لذلك يُلقَى بالشُّرفاء في السُّجون والمعتقلات، وتشوَّه- بالباطل- صحائفهم النَّاصعة؛ لا لشيء إلا لمواقفهم ومطالبهم المشروعة، ومحاولاتهم تحرير شعوبهم ورفع المعاناة عنها حتى تستطيع أن تتبوأ المكانة اللائقة بها في العالم.
ونتيجةً لذلك يموت الملايين من الجوع والفقر والكوارث التي تسبب فيها جبابرةُ العالم، فيموت أطفالُ الصُّومال والسُّودان وفلسطين والعراق بسببِ نقصِ الحليبِ والقمحِ، بينما حكومات دولٍ مثل الدنمارك والولايات المتحدة وأستراليا وفرنسا وغيرها من بلدان التَّحالُف الأوروبي- الأمريكي تُلقي بفائض طعامها ومُنتجاتها من الحليب والجُبن والزُّبد والحبوب في مياه المحيطِ للمُحافظة على فارقِ وثباتِ أسعار المنتجاتِ والسِّلعِ الأساسيَّة في الأسواق العالمية!!
ونتيجةً لذلك نرى الدُّموع في عيون الأرامل والثَّكالى واليتامى والمُعاقين في مختلفِ أنحاءِ العالمِ، ونرى الأطفال وقد مزَّقت أجسادهم الرقيقة الواهنة طلقاتُ الرَّشَّاشات الثَّقيلة وشظايا القنابل الضَّخمة التي تُطلقها القاذفات والمدافع التي أنتجتها شركات السلاح في الغرب "الرَّاقي المتقدِّم"!!
ونتيجةً لذلك- أيضًا- انتشرت الجريمة المُنظَّمة، التي تهدد أمن العالم واستقراره.
من منَّا ينسى- نتيجة ما تفعله "الحضارة" الغربيَّة!!- وجه تلك اللاجئة الفلسطينيَّة العجوز المُعاقة التي خلا فمها من الأسنان، والتي لا تعرف من الكلام سوى الإشارة عندما وقفت تشكو همَّها للصَّحفيين في جنوبِ لبنان، وعندما أدركت أنَّ عمقَ إعاقتها يمنعها من شرح مأساتها ومآسي مئات الآلاف من أمثالها ضحكت غير مُستبشرة، وأدارت ظهرها لآلات التَّصوير، ولسان حالها يقول إنَّ حلَّ مُشكلتها لا يملكه أحد سوى الله سبحانه وتعالى.