تقوم فكرة العلاج بالتصور على إعادة برمجة العقل الباطن كي يجلب الراحة والشفاء بدلا من الخوف والقلق، وكل ما على المريض فعله هو أن يستحضر صورا ذهنية تعزز فكرة الشفاء وتغذي الشعور بالاطمئنان عوضا عن صور الخوف والقلق التي تثبط من عملية الشفاء؛ فالعقل الباطن يعمل "تحت الطلب" إذ يستجيب للرسالة التي تصدر منك، فإذا آمنت بقدرتك على الشفاء والتغير للأفضل وأتقنت فن صناعة الصور الذهنية الإيجابية فإن العقل الباطن يستقبل هذه الرسالة ويقوم باتخاذ اجراءاته لتحقيق هذه الآمال بدلا من قتلها بمزيد من القلق واليأس! لأن المشاعر تتبع الأفكار، فإذا انشغل الذهن بالمرض والخوف والقلق فلن يتبع ذلك إلا الاكتئاب والتعاسة، والعكس صحيح. وكلما كانت الصورة مليئة بالعواطف والأحاسيس كانت أكثر تأثيرا في صفاء النفس وعلاج اضطرابات الجسد.
تقول الدكتورة باربارا روزي مديرة مركز استشارات الطب البديل بسانتافي-نيومكسيكو ومؤلفة كتاب "استخدام التصور للصحة واللياقة": "إذا أمكن للشخص أن يستبدل بالصور السلبية التي تضعه في حالة تأهب غير ضروري وغير مفيد صورة أخرى إيجابية كما في لحظة استرخاء على شاطئ البحر أو صورة له وهو يلعب مع أطفاله فإن هذه الصورة الإيجابية بدلا من أن تطلق الأدرينالين في الجسم تطلق المهدئات الطبيعية التي تجعل التنفس يهدأ والقلب يتمهل والتوتر ينخفض والجهاز المناعي يقوى وينشط".
الصور.. لغة تفهمها الهرمونات!!
تتكون الصور في جزء من المخ يدعى الجهاز الحوفي limbic system وهو جزء مختص بالعواطف والانفعالات والإحساس بالألم أو البهجة، ولكن إدراك الصورة المتكونة يتم في المستوى الأعلى من المخ ويعرف بالقشرة cortex، وهو الجزء المختص بالذاكرة والتفسير والتبرير وبدونه تظل الصورة بلا معنى.
ويرتبط الجزء الذي تتكون فيه الصورة بغدتين الأولى تعرف باسم الغدة تحت المهادية Hypothalamus gland، وهذه الغدة مسئولة عن تنظيم درجة حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب والشعور بالجوع والعطش والرغبة في النوم والنشاط الجنسي، أي أنها تنظم جميع العمليات الحيوية في الجسم.
والثانية الغدة النخامية pituitary gland التي تقود النشاط الهرموني للجسم.
وبعد أن تتكون الصورة ويدرك المخ معناها تعمل الغدة تحت المهادية Hypothalamus على إحداث تفاعلات فسيولوجية في جميع أعضاء الجسد فتقوم الخلايا بإرسال إشارات للمخ تعمل على تقوية الصورة لتصبح أكثر حيوية ويرسل المخ المزيد من الإيضاحات؛ وهو ما يجعل الصورة تستمر وتتواصل الدورة بين الجسد والمخ.
وقد ثبت أن المخ يتفاعل بنفس الطريقة مع الصورة المتخيلة.. أي أنه لا يفرق بين الصورة الخيالية التي يبدعها خيال الإنسان دون أن تراها عينه وبين الصورة الواقعية.
قوة الخيال
يقول د.جيرستن: "ثمة دليل قاطع على أن استخدام التخيل يمكن بطريقة مثيرة أن يحسن نوعية الحياة، وفي بعض الحالات أن يطيل التوقعات العمرية ".. فمرضى السرطان، على سبيل المثال الذين استخدموا التخيل أثناء تلقيهم العلاج الكيميائى شعروا بأنهم صاروا أكثر استرخاء، وأكثر استعدادا للعلاج وأكثر إيجابية فيما يتعلق برعايتهم من أولئك الذين لم يستخدموا هذه التقنية، تبعا لما أكده باحثون في جامعة ولاية أوهايو في كولمبس.
وتوحي دراسات متعددة بأن التخيل يمكن أيضا أن يعزز جهازك المناعي. فقد وجد باحثون دانمركيون -على سبيل المثال- زيادة في نشاط الخلايا القاتلة الطبيعية NK cells (natural killer cells ) في عشرة من الطلبة الجامعيين تخيلوا أن أجهزتهم المناعية تتجه لأن تصبح عالية الفاعلية.
والخلايا القاتلة الطبيعية تشكل جزءا "مهما" من جهاز المناعة؛ لأن بإمكانها أن تتعرف على الخلايا التي تعرضت للعدوى بالفيروسات وعلى الخلايا السرطانية وغير ذلك من الخلايا الغريبة.
كما افترض د.سيمونتون أن نشاط الجهاز المناعي يمكن تعزيزه بتصور رؤية خلايا دم بيض قوية وهي تهاجم خلايا سرطانية ضعيفة. وقد تتبع د.سيمونتون حالة 159 مريضا جميعهم يعانون سرطانا غير قابل للشفاء وقيل لهم جميعا إنهم لن يعيشوا أكثر من عام تقريبا، ولكن باستخدام العلاج التخيلي كجزء من علاجهم بقي 40% من أولئك المرضى على قيد الحياة لمدة 4 سنوات بعدها. و22% منهم دخلوا في مرحلة تراجع كامل للمرض. وفي نسبة 19% أخرى انكمشت الأورام فقط. وبصفة عامة فإن الأشخاص المشاركين في الدراسة الذين استخدموا التخيل جنبا إلى جنب مع العلاج الطبي عاشوا فترة أطول -بمقدار الضعف- من الذين تلقوا رعاية طبية