تجاهل القانون الأوربي العلماني الاعتبارات الأخلاقية المرتبطة بالدين، وبالتالي عجز عن حل قضايا الطب الحديث التي تتطلب الاعتبارات الأخلاقية، وقد أدى هذا إلى ميلاد أخلاقيات طبية غير مطبقة قانونا من قبل الحكومات، وغير مطبقة أخلاقيا تبعا للضمير.
هذا البحث يقترح أن تعتمد نظرية الأخلاقيات الطبية في الإسلام على مقاصد الشريعة الخمس، والتي تعتبر أيضا مقاصد الطب، أي أغراضه.
هذه المقاصد الخمس هي: حفظ الدين، حفظ النفس، حفظ النسل، حفظ العقل، وحفظ المال. وأيّ عمل طبي يجب أن يحقق هذه المقاصد حتى نعتبره أخلاقيا، ويعتبر أي إجراء طبي يخرق أيّا من هذه المقاصد إجراء غير أخلاقي.
هذا البحث يقترح -أيضا- أن تستمد القواعد الأخلاقية الأساسية في الإسلام المتعلقة بممارسة الطب من قواعد الشريعة الخمس التي هي: القصد، واليقين، والضرر، والمشقات، والعرف. وتعمل المقاصد والقواعد في شكل تعاوني. والغرض الأساسي من القواعد هو إتاحة قواعد قادرة على حل النزاع بين مختلف المقاصد.
إن تحديا كبيرا يواجه الأطباء المسلمين، وهو كيفية تحرير أنفسهم من النظريات الأوربية الأخلاقية المتناقضة التي تربكهم، والتفرغ للعمل الجاد لتطوير لوائح معينة للتداخلات الطبية المختلفة، ووضع ضوابط طبية لها، وذلك بإحياء الاجتهاد. وهذا الاجتهاد سوف يعتمد على المصادر الأساسية للشريعة، أي القرآن والسنة، وعلى المصادر الثانوية للشريعة، والتي تنقسم إلى مصادر نقلية -أي الإجماع والقياس- ومصادر عقلية -أي الاستشهاد والاستحسان. وكذلك سوف يعتمد الاجتهاد على مقاصد الشريعة وقواعد الفقه وضوابطه.
في العهد المبكر من الطب الشرعي، كانت معظم القضايا تُحل بالرجوع مباشرة إلى المصادر الأساسية، وفي العهد الوسيط كانت القضايا تحل بالرجوع إلى الإجماع والقياس والاستشهاد والاستحسان والاستصلاح، أما في العهد الحديث فإن التكنولوجيا الطبية الحديثة خلقت الكثير من القضايا التي يحتاج حلها إلى نظرة أكثر اتساعا لا تتوافر إلا في نظرية مقاصد الشريعة.