تلك الآراء وغيرها كونها صادرة عن باحثين وعلماء لهم وزنهم كان لا بد لنا من مناقشتها مع عدد من المتخصصين والمهتمين بمرض الإيدز، فيقول د. هاني زيادي -المسئول الطبي لقسم الإيدز بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط-: إن فكرة أن مرض الإيدز ليس مرضا فيروسيا هي فكرة غير علمية خاصة مع تطور وسائل الفحص التي يمكن من خلالها اكتشاف الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم في مقاومة أي عدوى فيروسية لدى المصابين بالمرض أو حامليه، بل ووصل الأمر إلى إمكانية الكشف عن الفيروس نفسه، وقياس العبء الفيروسي في الدم، ولكن ذلك في اختبارات متقدمة وذات كلفة عالية، وبالتالي فإن الفيروس معروف، ويمكن معرفة درجة تركيزه في الدم، بل ومعروف في أي جزء من هذا الفيروس يؤثر هذا الدواء أو ذاك من أدوية علاج الإيدز.
ويفند د. شريف سليمان طبيب بالهيئة الدولية لصحة الأسرة بمصر ذلك الزعم بقوله: إن الرد على هذا الزعم شديد السهولة؛ فالأمراض التي يصاب بها مريض الإيدز لا تحدث إلا في وجود الفيروس، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فغير المصابين بالفيروس لا تظهر عليهم أي أعراض من أعراض الإيدز، مؤكدا أن فيروس نقص المناعة البشري ومرض الإيدز يرتبطان ارتباطا وثيقا من حيث الزمان والمكان والمجموعات المصابة، وأنه قبل اكتشاف فيروس نقص المناعة البشري كانت الأمراض المرتبطة بالإيدز نادرة الحدوث واليوم هذه الأمراض شائعة عند المصابين بالفيروس، فضلا عن أنه يمكن إثبات وجود فيروس نقص المناعة البشرى عمليا لدى كل مريض بالإيدز.
كما أن الفيروس المسبب لمرض الإيدز قد تم الكشف عنه بصورة دقيقة إلى حد بعيد ومعرفة سلوكه في الجسم وطبيعة الأجسام المناعية التي تقاومه، وكل ذلك بوسائل علمية غير قابلة للشك فيها.
وتؤكد د. خديجة معلى مستشارة سياسات الإيدز ومنسقة البرنامج الإقليمي للإيدز في الدول العربية والتابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الظواهر والأعراض المرضية لحاملي الفيروس تؤكد وجود سلوك فيروسي وراء الإيدز، وإذا كان البعض لم يتمكن من فصل الفيروس في الثمانينيات فإن ذلك ليس دليلا على عدم وجوده، وإلا فكيف يمكن أن نفسر فاعلية العلاجات المكتشفة في تخفيف أعراض المرض لأقصى درجة ممكنة؟.
ولا ينكر زيادي أن أدوية علاج الإيدز عالية الثمن بصورة كبيرة -وهو أمر يؤكد عليه مناهضو الإيدز- إلا أن ذلك لا يصح أن يكون سببا لتوجيه الاتهام جزافا إلى شركات الأدوية بأنها تقف وراء محاولات تضليل العالم وإصابته بالرعب من فيروس ليس ضارا أو غير موجود لمجرد رغبة تلك الشركات في تحقيق أرباح هائلة من بيع الأدوية المقاومة للفيروس، خاصة أن تلك الشركات قد وافقت على إيجاد نوع من التعامل النوعي مع الدول المختلفة في العالم عند بيع الدواء إليها بحسب مدى غنى أو فقر هذه الدولة أو تلك، فضلا عن قيام بعض الدول بإنتاج الدواء بكلفة قل