يقال: أن كل مقرون بالمحبوب محبوب، وكل مقرون بالمكروه مكروه، وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
أمر على الديار ديار ليلى * أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما تلك الديار شغفن قلبي * ولكن حب من سكن الديارا
إذاً فالعاطفة الصادقة تشمل بعطفها وودها ليس المحب وحده، ولكن كل ما يتصل به، مما لم يمنع مانع من حبه والميل إليه، وبموجب هذه الطبيعة، وانطلاقا من هذه السجية، أحبت أمة الإسلام آل بيت نبيها - صلى الله عليه وسلم - وأنزلوهم المقام السامي، والمنزل الرفيع، وقدموهم في حبهم على حب أهليهم وأقربائهم، حتى قال أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – :" لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي " متفق عليه .
ومما زاد هذه المودة الطبيعية قوة ما أخبر الله عنه من إرادته تطهير آل بيت نبيه وتزكيتهم، فقال سبحانه: { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا }(الأحزاب:33)، وما أمر به النبي – صلى الله عليه وسلم – أمته من الصلاة عليه وعلى آله، فقال – عليه الصلاة والسلام - : ( قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) رواه البخاري . وما دعا به النبي – صلى الله عليه وسلم - لآل بيته أن يجعل الله عليهم صلواته وبركاته، حيث ألقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كساءً على فاطمة والحسن والحسين ثم وضع يده عليهم، ثم قال: ( اللهم إن هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد ) رواه الطبراني . ويقول الإمام الشافعي في حب آل النبي - صلى الله عليه وسلم -:
يا أهل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له
إذاً فلا إشكال في حب آل النبي - صلى الله عليه وسلم - وموالاتهم، بل هو محل إجماع عند أهل السنة جميعاً، ولكن الإشكال هو في الانحراف بهذه المحبة كشعور صادق نبيل إلى منهج من الغلو لا يرضي الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - كالقول بعصمتهم عن الخطأ، ووجوب طاعتهم، وكونهم يعلمون الغيب، وانحصار الولاية فيهم، وهي مسالك من البدع ينبغي الحذر منها، وبيان ضلال أصحابها