أقوال لاذعة وكلمات قاسية قذفت في وجوه المحجبات من المجتمع والشركات ومن الإعلام. أشدها إيلاما "عودي إلى مطبخك" التي تكررت في شهادات فتيات أنهين دراستهن وشرعن يبحثن عن العمل.
حنان (27 عاما) بحثت عن عمل بعد تخرجها فلم تجده قبل صدور القانون ولا بعده، بسبب لباسها. في بعض الحالات كانت تجده عبر الهاتف، لكنها كانت ترد بمجرد رؤيتها وهي محجبة، ثم يقال لها مثل ما قيل لمثيلات لها "لن تحصلي على عمل بهذا الذي تضعينه فوق رأسك، فعودي إلى مطبخك". البعض الآخر من الفتيات روين أنهن عُيِّرن بأنهن "بنات بن لادن"، وقيل لهن "عودوا إلى طهران".
جميع الفتيات اللائي شهدن في الكتاب عشن تجربة أو تجارب وصفنها بأنها مؤلمة ومهينة، وكلهن تحدثن بالإضافة إلى هذه المشاهد الجارحة، عن نظرات يومية تقطر بالعدوانية والاتهام. كلهن سمعن الكلمات نفسها التي يمكن تلخيصها في جملتي "عودي إلى بلدك" و"عودي إلى مطبخك".
تناقض فاضح
يصف الكتاب الثلاثة أن هذه القذائف طافحة بالتمييز العنصري، وتضع أصحاب قانون المنع أمام أمر سعوا إلى محاربته، فإذا بهم يصنعون واقعا أشد منه ظلما، ألم يكن هدف منع الحجاب هو مكافحة التطرف الديني والانكماش الطائفي ورفع القهر عن النساء (بزعمهم).
لقد كان لقانون 15مارس/آذار 2004 ميزتان متناقضتان، فهو من جهة تذرع بمبادئ العلمانية والمساواة بين الجنسين، ولكنه في المقابل شجع أخس مشاعر رفض الآخر والرغبة في العدوان والنذالة في التهجم على أقلية اجتماعية مقهورة.
ويختم المؤلفون كتابهم بتوجيه نداء إلى المجتمع الفرنسي يحثونه فيه على الانتباه والحذر مما يساق إليه، وقال المؤلفون: "بعد قراءة هذا الكتاب سيتجلى التناقض الصارخ الفاضح: "لا يمكن تحدي الحجاب وقبول منعه إلا بجهل تام لحقيقة النساء الفرنسيات اللاتي يرتدينه".
نضال مزدوج
وقبل نقطة النهاية، يعلن المؤلفون أن إعادة النظر في قضية الحجاب صارت ضرورية. مراجعة ينبغي أن تتناول مسألة الإكراه في الارتداء أو في المنع، وليس الحجاب في حد ذاته.
كثير من المتحدثات في طول الكتاب وعرضه أكدن أنه لا فرق بين ارتداء الحجاب بالإكراه وإكراه المحجبات على نزعه باسم القانون، وإن المعركة في كلتا الحالتين واحدة، معركة حرية الاختيار.
إن شهادات المحجبات المقهورات لا تتهم هنا المجتمع الفرنسي أو فئة منه، بل يتهمن قانونا بعينه وتداعيات التهميش والإقصاء المنبثقة عنه، كما يحللن تحولات الجمهورية الفرنسية وثقوبها السوداء.
وعلى الرغم مما تحمله بعض الشهادات من غضب صارخ وكلمات قوية. إلا أن هذه الشهادات وأولئك الفتيات المحجبات يستنهضن كل قارئ على الانخراط معهن وتأييدهن في قضيتهن.
ونحن نرسل برسالة لكل مسلمة يسر الله لها ارتداء الحجاب ولم توجد أمامها عراقيل تمنعها منه ولا تعاني شيئا مما تعانيه المسلمات في بلاد فرنسا والغرب، ندعوها من كل قلوبنا أن تلتزم هذا الأمر الإلهي وتسلك هذا المسلك الرباني قبل أن تتمنى ذلك فلا تجده، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ